ما الأسباب التي جعلت دراما رمضان 2024 الموسم الأضعف؟!

11:00
30-03-2024
أميرة عباس
ما الأسباب التي جعلت دراما رمضان 2024 الموسم الأضعف؟!

هناك شبه إجماع من الجمهور وأهل الصحافة والنقّاد على أنّ الموسم الدرامي في رمضان 2024 هو الموسم الأضعف مقارنة بالسنوات الماضية. وهذا التقييم يشمل الصورة العامة للمسلسلات العربية في هذا الموسم عبر الشاشة الفضية دون أن يلغي نجاح بعض الأعمال منها، لكن ما الأسباب التي جعلت دراما رمضان 2024 الموسم الأضعف؟!

خلال العاميْن الماضييْن، كنا قد نشرنا مقالاً حول ما نتوقّعه في أن يفقد الموسم الرمضاني رويدًا رويدًا وعامًا تلو الآخر رونق أعماله الدرامية إن إستمرّ صنّاع الدراما على هذا النحو من تقديم مسلسلات عبر الشاشة المتلفزة أو المنصات الالكترونية طيلة شهور السنة، فالموسم الرمضاني لطالما كان ملاذًا آمنًا للمنتجين كي يضمنوا تسويق مسلسلاتهم العربية مع المنافسة على تحقيق أعلى نسبة مشاهدات فيما يُعرف بعبارة "ريتينغ".


وإن أردنا العودة إلى الأسباب الكامنة وراء تراجع المستوى في هذا الموسم، فسنجد أنّ زمن "نيو ميديا" فرض على صنّاع الدراما وعالم الترفيه خَلْق مواسم درامية أخرى خارج الشهر الرمضاني السنوي، فباتت المسلسلات تُعرض على مدار شهور العام خاصة الأعمال "الأونلاين" عبر المنصات الالكترونية في موضة انسحبت من الغرب وجذبت العرب. وهنا ننوّه أنّ هذه المسلسلات باتت تُعرض عبر الانترنت من ثم نشاهدها على شاشة التلفاز، وهذا ما يعود لأسباب أخرى عديدة أبرزها: أزمة الإنتاج وما يرافقها من أزمات إعلانية في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في المنطقة خاصة مع الجهود الإنتاجية الفردية دون دعم القطاع العام لها، كما أنّ الأعمال المتوفّرة عبر تطبيقات ومنصّات إلكترونية تدر على صنّاعها الأرباح الرقمية (ديجيتال) قبل عرضها على الشاشة المتلفزة، أيضًا يُوفّر ذلك على المنتجين أعباء التوزيع والتسويق للمحطات التلفزيونية في حال الإكتفاء بالعرض عبر الانترنت.


لذا، لم يعد المنتج ولا حتى نجم الشاشة الفضية يحصر نفسه في تقديم عمل مرة واحدة في السنة خلال رمضان فقط رغم أنّه في قرارة نفسه يدرك مدى الأهمية الجماهيرية، التجارية والدعائية لهذا الموسم دونًا عن سائر مواسم العام. لكن بسبب هذا الزخم من المسلسلات، أصبح السّباق الرمضاني يفقد خصوصيته التي لطالما إتسم بها، وهذا ما يُفسّر غياب عدد من النجوم في رمضان بعدما كانوا يحرصون على تقديم أعمال رمضانية منذ سنوات طويلة.


ولا ننسى أنّه أصبح هناك توجّهاً نحو المسلسلات التي تتألف من خمسة عشر حلقة حتى في رمضان عوضاً عن تقديم ثلاثين حلقة لتفادي المماطلة الدرامية خاصة أنّ المُشاهِد بات يُفضّل متابعة المسلسلات القصيرة باستثناء مَن تستهويه الأعمال التركية أو المُعرّبة منها والتي قد تصل إلى تسعين حلقة.


كما أنّ هناك أسباباً أخرى أدّت إلى تراجع مستوى الموسم الدرامي في رمضان ومنها إختلاف ذائقة الجمهور حيث تبدّلت عن سابق عهدها واختلفت فئاته بين رواد المقاهي ورواد منصات التواصل الاجتماعي إلخ... أيضاً اختلفت معايير صناعة الدراما وكتابة النصوص واختيار الممثلين حسب متطلّبات السوق الفنية إن جاز التعبير والاستسلام لمفهوم الترند الذي أصبح هاجساً! ففي ظل التطوّر الهائل الذي يشهده العالم والذي يتقدّم بوتيرة سريعة قد لا يستوعبها العقل البشري أحياناً أمام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تختلف كل المعايير من حولنا وليس فقط على صعيد الأعمال الفنية، فإنّ الكون اليوم يعيش نقلة نوعية تنعكس على كافة مجالاته إلا أنّ الفن يختلف عن كافة المجالات الأخرى فهو ليس مجرد وسيلة ترفيه مثلما يعتقد البعض إنما للفن رسائل عديدة أبرزها أنّه بمثابة قوى ناعمة للتأثير على الرأي العام و"أرشفة" التاريخ وغيرها...لذلك أمام الفن وصنّاعه مسؤولية كبيرة خلال الفترة الراهنة لتقديم مستوى درامي لا يقل أهمية عن مسلسلات شكّلت ذاكرة جماعية للشعوب العربية لأنها حملت رسائل إجتماعية تصلح لكل زمان ومكان، فهل المسلسلات المعروضة راهناً عبر الشاشات العربية "ستعيش" للأجيال المقبلة؟!