في اليوم العالمي للمسرح، تعرّف على إنطلاقة الفن المسرحي في لبنان!

7:00
27-03-2018
أميرة عباس
في اليوم العالمي للمسرح، تعرّف على إنطلاقة الفن المسرحي في لبنان!

المسرح هو أبو الفنون لأنّه من أقدم أنواع الفن التي عرفها التاريخ على مر العصور ولدى كافة الشعوب، فالفن المسرحي يعود للعصر الإغريقي أي اليوناني، ويُصادف اليوم العالمي للمسرح في السابع والعشرين من شهر آذار مارس من كل عام. 

في البداية نشير إلى أنّ البعض يعتقد بأنّ مصطلح "الأعمال الدرامية" ينطبق فقط على الأعمال التلفزيونية لكن في الواقع إنّ المسرح هو أيضاً يعد من الأعمال الدرامية إنّما هي مُسمّاة الدراما المسرحية. وهناك عدة أنواع من المسرحيات منها الملاحم، الكوميديا الهزلية الساخرة، العاطفية، السياسية النقدية والدينية. ولا شك في أنّ المسرح مختلف تماماً عن التلفزيون والسينما لذا إنّ إعداد الممثل المسرحي يختلف عن غيره من الأعمال التمثيلية.

أما البداية الفعلية للحركة المسرحية العربية في لبنان فنذكر بأنّ الفن المسرحي اللبناني مرّ بالعديد من المراحل إنطلاقاً من عام 1847 حين قدّم مارون النقاش مسرحية البخيل عن موليير .وبعدها تم عرض عدة مسرحيات مُترجمة مثل مسرحية الذخيرة التي نقلها شبلي ملاط عن اللغة الفرنسية.
وتلتها المسرحيات التاريخية التي كانت خلال مرحلة بعث التاريخ الوطني العربي ولحقتها مرحلة الواقعية الإجتماعية في المسرح التي تمثّلت بكتابات جبران خليل جبران وهذه المرحلة دخلت إلى لبنان عن طريق حركة أدباء المهجر في أميركا .

وبالإنتقال إلى الزمن المعاصر وتحديداً في ستينيات القرن الماضي، نذكر أنّ هناك أَعلام مهمة في المسرح اللبناني منهم أسّسوا المسرح ومنهم ساعدوا في تطويره ومن هذه الأعلام بالتأكيد نبدأ مع مسرح الرحابنة (إنطلاقاً من مسرحية موسم العز للراحلين صباح، وديع الصافي ونصري شمس الدين عام 1960)، من ثمّ أتت مسارح أخرى أهمّها مع: روميو لحود، ريمون جبارة، محمد شامل وتلتهم نضال الأشقر...

كما نشير إلى أنّ المسرح الوطني اللبناني قد تأسّس عام 1965 على يد الفنان اللبناني حسن علاء الدين المعروف بإسم "شوشو" بالتعاون مع نزار ميقاتي. فنهض شوشو بالمسرح الوطني ولمع إسمه مع نهضة المسرح في لبنان ووقتها ضمّت فرقة شوشو العديد من الممثّلين الكوميديين ومنهم ماجد أفيوني وإبراهيم مرعشلي وأماليا أبي صالح وآمال العريس وغيرهم، لكن الظروف القاهرة مع رحيل شوشو أوْدت بإفلاس المسرح الوطني.

أيضاً يجب التطرّق لتأسيس "مدرسة المسرح الحديث" في لبنان وكان بين أول الملتحقين فيها الممثل القدير أنطوان كرباج والدكتور أسعد خير الله.

إلى جانب المسرح الكوميدي الشعبي الذي كان في أوج مجده في ستينات القرن الفائت، عرف الجمهور اللبناني حركة ما يُعرف بمسرح "الساعة العاشرة" التي كان من روادها: إيفيت سرسق، غاستون شيخاني، وسيم طبارة، سامي خياط، إلياس الياس، دودول (عبد لله نبوت)، محمد شبارو، كريم أبو شقرا، ونبيه أبو الحسن قبل أن يتّخذ منحى آخر من الفن المسرحي مع أنطوان غندور. فكان مسرح الساعة العاشرة نسخة لبنانية لمسرح Chansonnier الفرنسي الساخر.

وهنا علينا توضيح أمراً هاماً للقول بأنّ البداية الحقيقية للمسرح اللبناني تمثّلت حينما إنتقل الفن المسرحي اللبناني من النوع الكلاسيكي إلى الشعبي فتمّ صنع هوية لهذا المسرح المحلي، فإنّ مسرح "شوشو" مثلاً إتسم بالكوميديا الهزلية التي تحكي معاناة الشعب اللبناني في قالب الكوميديا السوداء. 

أما مسرح الرحابنة الذي دام لفترة زمنية أطول فإنّ دور الأخويْن عاصي ومنصور الرحباني كان هاماً جداً – إن لم نقل الأساسي- في نقل المجتمع اللبناني إلى المسرح بما فيه من عادات وتقاليد وتراث فني شعبي ليُصبح أشبه بالمسرحيات الإستعراضية ورغم أنّه إتّسم بأهداف وطنية تتمجّد بالدفاع عن الوطن والأرض إلا أنّ نصوصه ظلّت مقتبسة من تاريخ الماضي، وهذا ما جعل مسرح الفنان العبقري زياد الرحباني يتميّز ليأتي بنقلة نوعية للمسرح اللبناني لأنّه نَقَل واقع المجتمع بحذافيره مع معاناة الشعب اللبناني بأسلوب جديد ومختلف. وما زال من عصر الرحابنة يعمل كل من غدي ومروان الرحباني على خطى الأخويْن الرحباني في بعض المسرحيات الحديثة.

لكن بعض الظروف السياسية والأمنية والإقتصادية في لبنان أدّت إلى تراجع الفن المسرحي المحلي فأصبح المسرح مضطراً إلى تطوير نفسه عبر مبادرات فردية رغم أنّ وزارة الثقافة اللبنانية كانت قد أعلنت خلال الشهور المنصرمة عن محاولاتها لتأهيل المسارح اللبنانية.
وأكثر من ذلك بدأنا نفتقد رويداً رويداً لفن المسرح الثقافي في لبنان فبالرغم من أنّ هناك عدداً من المسرحيات التي تتناول بعض المواضيع الإجتماعية الحسّاسة –إن صح التعبير- إلّا أنّ العدد الأكبر من المسرحيات اللبنانية أصبحت تُصنّف أو تندرج تحت قائمة  Stand up Comedy بمفهوم البعض التي يكون الهدف منها نقل صورة وأحداث المجتمع بطريقة هزلية أقرب إلى السخرية لكن لو إعتمدت هذه الأنواع من المسرحيات على ما يسمى بدراما الكوميديا السوداء فإنها سترتقي في مستواها من أجل تمرير رسائل إجتماعية توعوية للجمهور بدلاً من أن يكون الهدف منها هو الترفيه فقط! 

وفي اليوم العالمي للمسرح، نتمنى أن تعود أمجاد المسارح اللبنانية التي تحتاج إلى جُملة من العوامل لتكفل نجاحها منها: النص المسرحي، أداء الممثلين المسرحيين، تأمين الإنتاج والدعم المادي من قِبل الأفراد والدولة وتوجيه الذوق العام للفن الراقي!