بسام كوسا تَأثَّر بمفهوم التراجيديا "الشكسبيرية" ليَنْقل الواقع في "روزانا"!

13:00
09-06-2018
أميرة عباس
بسام كوسا تَأثَّر بمفهوم التراجيديا "الشكسبيرية" ليَنْقل الواقع في "روزانا"!

مع حلول شهر رمضان المبارك، أشرنا سابقاً إلى مسلسل "روزانا"، من بطولة بسّام كوسا ومجموعة من نجوم الدراما السورية مثل نادين تحسين بيك، أندريه سكاف وميلاد يوسف، تأليف جورج عربجي وإخراج عارف الطويل، واليوم مع إقتراب نهاية عرضه يمكننا القول بأنّ هذا العمل من المسلسلات المميّزة خلال السِباق الرمضاني، وميزته تكمن في عدّة جوانب سنفصّلها في الأسطر الآتية.

 

تميّز هذا العمل من عدّة جوانب أوّلها لناحية الأداء التمثيلي لبطله ثانيها قوّة نصّه وحواره الذي يُلامِس قلب المُشاهِد لأنه نقل الواقع التراجيدي الذي يعيشه أي مواطن عانى أو يُعاني من الحرب، لكن لم يحقق هذا المسلسل الإنتشار العربي ولربما يعود ذلك بسبب القنوات التلفزيونية التي تعرضه أو لأسباب إنتاجية وترويجية، لذلك من الضروري إعادة عرضه بعد الشهر الفضيل عبر عدّة محطّات تلفزيونية عربية.

 

قبل الإنتقال إلى المَشاهِد المهمّة وصياغة الحوار في هذا العمل، نُشير إلى أنّ بطل المسلسل بسّام كوسا جسّد شخصية "وفا" بشكل إحترافي كرّس خلاله سنوات خبرته في مجال التمثيل، ولن نتوانَ عن القول بأنّه عادةً ما تكون المَشاهِد التراجيدية مؤثّرة على الجمهور إلّا أنها قد لا تفلح في إنجاح العمل أما الممثل بسام كوسا فلقد إستطاع خلق شخصية تعكس الواقع الإنساني ما شكّل عاملاً أساسياً لنجاح مسلسل "روزانا" رغم عدم إنتشاره عربياً. وهنا ننوّه أنّ أداء الممثل بسّام كوسا خرج بصورة "شكسبيرية الهوى والهوية"، فَلَوْ عُدنا إلى المدارس الفنية الكلاسيكية بحسب مفهوم "التراجيديا الدرامية" لدى شكسبير الذي تأثّر بدوره بنظريات أرسطو الفنية، سنجد أنّ صفات البطل التراجيدي تكمن في أن يرى المُشاهِد تصدّي البطل للدفاع عن قِيَمه المُفتَقَدة في عالم يفتقر إلى المنطق والعدل، وفي تأكيده على شرف الإنسان في مواجهة ظروف صعبة يكلّلها الشعور بالفناء. لذلك نرى البطل ينحدر من طبقة عامّة الناس لا يقل وقعه التراجيدي في نفوس الجمهور، ولهذا السبب كثيراً منّا قد يشعر بأنّ هذا البطل يشبهه في جانبٍ ما، وهذا ما جسّده كوسا فإنطلق بطل مسلسل "روزانا" من هذه المدرسة "الشكسبيرية" التي تفرّعت منها مدارس فنية أخرى كي يستطيع تكريس صورة البطل التراجيدي الذي يشبه الواقع الأليم.

فيما خص أكثر المَشاهِد التي لفتتنا في هذا المسلسل لغاية حلقته الثالثة والعشرين نُشير إلى عدّة مشاهد بطلها "وفا" أي الممثل بسّام كوسا، مثلاً المشهد الذي يسمع خلاله وفا خبر تحرير منطقته الأم –حلب- التي تعاني من الحرب فيهرول نحو زوجته ليُعلِمها بما سمع وهو فرحاً يطلب منها "زغرودة"! لكن حاله ينقلب بعدما يذهب إلى حلب ويرى الدمار الذي حلّ بمدينته، وهنا يؤدّي مشهداً من أهم مشاهد العمل، فيقول لصديقه وجاره:" بعد كل يلي صار، خايف ما نتعلّم من هالدرس..." كما يقول وهو ينظر إلى الدمار الذي إفتعلته جماعات إرهابية:" حدا بيخرب الدني ليفوت عالجنة؟!"

 

كما يرتكز هذا العمل على مشهدٍ أساسي تليه باقي أحداث العمل ألا وهو حينما يعود وفا إلى منزله في حلب فيتأثّر من شدّة الخراب، وهنا لجأ مؤلّف المسلسل إلى مشهدٍ رمزي – إن صحّ التعبير- حينما قام وفا بالنظر إلى قفصٍ وإستذكر عصفوريْ الحب اللذان كانا بداخله قبل الحرب إلا أنّ العصفوريْن ماتا مثلما مات الحب في قلوب بعض الأطراف التي أشعلت نيران الحرب على أرض الوطن.

 

بعد عودة البطل من حلب إلى الشام، يواجه وفا زوجته قائلاً:"بدّي رحِّب فيكي بالعالم السفلي"، ويُمسِك ورقة مئة دولار أميركي متحسّراً بأنّها سعر منزله – أو ما تبقّى من منزله- في حلب، ويُكمل الحوار ليقول:"كنت زمان ساعد المحتاج واليوم صرت أنا محتاج".

 

تلك المَشاهِد وأكثر تجعل العمل مميّزاً، أما بالنسبة لنهاية أحداث المسلسل التي سيُدركها المُشاهِد بعد أيام وجيزة فنتوقّع أن تكون "مفتوحة" لكي تشبه حال الواقع كما هو راهناً في سوريا.