منى زكي تتصدّر المشهد الدرامي المصري عبر "لعبة نيوتن" بعناصر درامية متكاملة

10:00
04-05-2021
أميرة عباس
منى زكي تتصدّر المشهد الدرامي المصري عبر "لعبة نيوتن" بعناصر درامية متكاملة

"سياحة الولادة في أرض الأحلام"، أو بمعنى آخر، سفر الأم الحامل إلى الولايات المتحدة الأميركية بهدف الولادة فيها من أجل منح طفلها الجنسية الأميركية... هو حلم تسعى إليه الكثير من العائلات في عالمنا العربي رغم التشديد الذي فرضته السلطات الأميركية في هذا الإطار مؤخراً. حول هذا الموضوع، ترتكز قصة مسلسل "لعبة نيوتن" الذي يُعرض خلال الموسم الرمضاني الحالي، وهو من بطولة منى زكي، محمد ممدوح، محمد فراج، سيد رجب، عائشة بن أحمد، مايان السيد، أسامة الهادي، أشرف مهدي، علي قاسم، أحمد طلعت، حنان يوسف، محمد التاجي، وبمشاركة وجوه أمريكية وأوروبية منها: ماريمار فيغا، رايان كنغ، جيني وه، والممثل الأمريكي المصري آدم الشرقاوي. كتب السيناريو والحوار ورشة تتألف من: سمر عبد الناصر، محمد الشخيبي، عمار صبري وبإشراف مها الوزير، فيما تولّى المعالجة الدرامية للعمل المخرج تامر محسن ومن إنتاج سعدي-جوهر.

 ترصد قصة العمل حياة زوجين ينتميان إلى الطبقة المتوسطة هما "هنا" (منى زكي) و"حازم" (محمد ممدوح) حيث يمتلكان منحل عسل متواضعاً، ويحلمان بإرتقاء السلّم الاجتماعي وتحسين ظروف حياتهما، فيخططان لإنجاب ابنهما المرتقب على الأراضي الأمريكية ليحصل على الجنسية، لكن خطتهما البسيطة تأخذ منحى مختلفاً في سياق درامي مشوّق إذ تحدث المشكلات الصعبة بعد إتخاذ قرار السفر، والمكوث فيها بطريقة غير شرعية، حتى تلد "هنا" طفلها في أرض الأحلام ويحصل على الجنسية الأميركية، وسفر "هنا" الفعلي إلى هناك دون زوجها الذي لم يستطع الحصول على تأشيرة لدخول أميركا، وتقع هَنا في الكثير من المآزق في أميركا لاسيّما بعد هروبها من المستشفى بعد ولادتها طفلها وأخذ حضانته منها. أمام تلك الصعاب، تُثبت هَنا أنها قادرة على مواجهة الحياة بمفردها وبكامل إستقلاليتها بعدما كانت تعتقد أنها لا تستطيع القيام بأي أمر دون زوجها، وبمقابل ذلك نجد حازم مهزوزاً ولا يقوى على مواجهة الحياة رغم أنّه كان يعتقد نفسه أقوى من ذلك. وفي الضفة الأخرى، يتجلّى دور "مؤنس" (محمد فراج) في حياة هنا لمساعدتها حيث يجمعهما القدر بمحض الصدفة لكن تصبح علاقتهما وطيدة جداً ومرتبطان في المشاكل والحلول معاً، وغيرها من الشخصيات المرتبطة بالبطلة على ذات المنوال.

هذه القصة التي تتشابك فيها علاقة الأبطال ببعضهم البعض ومدى تأثير طاقاتهم وإنعكاساتها عليهم، تُترجم المعنى الحقيقي لإسم المسلسل، فإنّ "لعبة نيوتن" لا علاقة له بالفيزياء أو الرياضيات نسبة للعالمِ الفيزيائي الشهير إسحق نيوتن إنّما هو دلالة على "مهد نيوتن" الذي يظهر في تتر المسلسل المذكور، وهو الجهاز الذي يدل على المحافظة على الزخم والطاقة عبر سلسلة من المجالات، يتأرجح عند واحد في النهاية وهو يضرب هذه المجالات إذ تنتقل قوة من خلال المجالات الثابتة ويدفع آخرَ واحدٍ إلى أعلى، ونشير إلى أنّ مهد نيوتن يتكوّن من سلسلة كرات معدنية بحجم مماثل مع وقف التنفيذ في إطار معدني بحيث أنها بمجرد لمس كل منهما الآخر، يتم إرفاق كل الكرة إلى الإطار من قبل اثنين من الأسلاك متساوية الطول والزاوية بعيداً عن بعضها البعض. من هنا، يأتي عنوان المسلسل بأبعاده الفلسفيّة أكثر من كونه عنواناً تقليدياً كسائر المسلسلات حيث نجد الشخصيات الدرامية في العمل تتأثّر ببعضها على طريقة مهد نيوتن أو لعبة نيوتن.

أما فيما خص الأداء التمثيلي، لا بد من الإشادة ببطلة العمل منى زكي، فهي تُعد نجمة سينمائية إلا أنّها حاضرة بقوّة في الدراما التلفزيونية خلال الموسم الرمضاني الحالي، وهي التي لطالما حقّقت نجاحات في المسلسلات رغم أنها لا تطل عبر الشاشة الفضية بشكل سنوي لأنّ تركيزها أكثر عبر الشاشة الذهبية. وفي شخصية "هنا"، لقد قدّمت زكي واحداً من أهم أدوارها حيث سلّطت الضوء من خلال هذا العمل على شريحة كبيرة من السيّدات في العالم العربي ممّن تواجهن معاناة حقيقة لتأمين حياة كريمة لأسرتها وأطفالها، كما جسّدت معاناة الأم المغتربة والمُرهقة نفسياً من مشاكل الحياة وتجلّى ذلك في مشهديْ الولادة داخل غرفة العمليّات ومواجهة القضاة داخل المحكمة بعد أزمة حضانتها لطفلها، فجعلت زكي الجمهور يتعاطف معها وكأنها تعيش هذه الحالة الدرامية على أرض الواقع. وننوّه بأنّ زكي ما زالت تتمتّع بملامح طفولية بريئة في وجهها وهذا ما يُساعدها كثيراً في تحريك المشاعر العاطفية للمُشاهِد خاصة في أدائها المَشاهِد التراجيدية. وبالتأكيد لن ننسى الإثناء على أداء باقي شخصيات العمل خاصة الممثل محمد فرّاج الذي يُبهرنا دوماً في تمكّنه من تقمّس أي شخصية درامية يُقدّمها.

فضلاً عن الحبكة الدرامية لهذا المسلسل حيث لم يُعاني من الملل أو البطء في الأحداث بل إتّسم بالتشويق، وخلق تفاعلاً كبيراً بين رواد الانترنت عبر منصات التواصل الاجتماعي بعد عرض كل حلقة. في الختام، ينتظر الجمهور معرفة مصير هنا وطفلها بعد هذا الكم من التشويق، فهل ستكشف الحلقات القادمة مصير بطلة لعبة نيوتن أم أنّها ستكون نهاية مفتوحة لخيال المُشاهِد؟!