في عيد الموسيقى...تعرّف إلى معنى موسيقانا التراثية بين "الدلعونا، الهوارة، الميجانا، العتابا وروزانا"!

9:17
21-06-2022
أميرة عباس
في عيد الموسيقى...تعرّف إلى معنى موسيقانا التراثية بين "الدلعونا، الهوارة، الميجانا، العتابا وروزانا"!

يُصادف اليوم في الحادي والعشرين من حزيران/ يونيو عيد الموسيقى أو اليوم العالمي للموسيقى وهو المناسبة التي إبتكرتها الدولة الفرنسية بفكرةٍ من وزير الثقافة الفرنسي الأسبق جاك لانغ ومدير الرقص والموسيقى موريس فلوري وذلك تحت مُسمّى La Fête de la Musique عام 1982، وبعدها تصدّر هذا العيد لمختلف دول العالم، وبما أنّ لكل بلد موسيقى تراثية خاصة به نحن بدورنا بهذه المناسبة سنُسلِّط الضوء على المعاني الخاصة ببعض الأغنيات التراثية من موسيقى بلدنا الأم لبنان.

قبل البدء بتفسير تلك المعاني، نُشير إلى أنّ الموسيقى التراثية أو الفلكلورية هي أساس للأغنية الشعبية التي تُشكِّل أحد أهم جوانب ثقافة أو هوية الشعوب. وفي أحيانٍ كثيرة تكون الموسيقى الشعبية ذات أصول مجهولة أو مشتركة بحكم العوامل الجغرافية والتاريخية، لذلك قد نجد عدّة نظريات موسيقية لتفسير أصلها ومعناها تماماً مثلما هو حاصل مع موسيقى بلاد الشام وما تحتويه من أغنيات فلكلورية مثل "الدلعونا، الهوارة، الميجانا، العتابا وروزانا"، ومنها ما يختلف بين لبنان، سوريا، فلسطين والأردن. وللتنويه هذا التراث الموسيقي هو تراث مشترك بين البلدان المذكورة لكن مع بعض الإختلاف في المعاني وشرحها.

"الدلعونا" بين "المساعدة" و"الحرية"!


نبدأ مع "الدلعونا"، هناك مصادر تُشير إلى أنّ الدلعونا أصلها سرياني مؤلّفة من "أل" التعريف وكلمة "عونا" التي تعني "المساعدة". أما الموسيقار السوري- الأميركي مالك جندلي فيردها إلى الأصل الآرامي الذي يعني" الحرية"، بعد ذلك إنفصلت عبارة "الدلعونا" عن دلالاتها الأصلية في السريانية، وأصبحت تدل على الولع حينما تُغنّى وتترافق مع رقص الدبكة.

"هوّارة" للتعبير عن القمع!


أما "هوّارة" فيُقال أنّها كلمة وافدة من تركيا وتعني صنفاً أو عناصر من الجيش العثماني قديماً مهمّتهم الإستطلاع. لذا هي واحدة من الكلمات العاميّة التي تعتبر بمثابة سجل يحتفظ بآثار الغزوات والهجرات والنزوح وقوافل التجّار في بلاد الشام حين كانت الموسيقى هي الأسلوب الذي يُعبِّر العرب من خلاله عن القمع الإجتماعي الذي عانوا منه وقتذاك.


"العتابا" من العتب ببنية شعرية خاصة!


بينما عبارة "العتابا" في الموسيقى الشعبية لبلادنا، فهي كلمة مأخوذة من العتاب وهذه الكلمة مشتقة بدورها من العتب، ولها بنية موسيقية خاصة بها إذ تتألّف العتابا من بيتيْن، أو من أربعة أشطر على أن تكون الأشطر الثلاثة الأولى على قافية مجنّسة أي تتضمن جناساً، والجناس في قواعد اللغة العربية هو اتفاق لفظتيْن في النُطق واختلافهما في المعنى، وذلك على أن ينتهي الشطر الرابع غالباً بالباء الساكنة المسبوقة بالألف أو الفتحة مثل: "عتابا بين بَرْمِي وبين لَفْتِي/ عتابا ليش لغير وِلِفْتِي/ أنا ما روح للقاضي ولا إفتي/ عتابا بالثلاث مطلقا".


"الميجنا" بين "ما جاءنا" أو "يا ماجنة"!


نستكمل المعاني مع "الميجنا" حيث تتعدّد الروايات حول المصدر الذي جاء منه لفظ ميجنا أو الميجانا، إن كانت مأخوذة من كلمة ياما جانا أي ( ما أكثر ما جاءنا أو أصابنا ) مثلما يقول الأديب والشاعر مارون عبود، أم هي عبارة عن ( يا ماجنة ) أي أيتها العابثة المستهترة المحبّة للمزاح والدعابة!


"عالروزانا" وتعدّد الروايات!


أيضاً يحمل معنى كلمة "عالروزانا" معاني مختلفة وهي إحدى العبارات في الموسيقى الفلكلورية لبلدنا التي تعرّفنا عليها بصوت السيدة فيروز إلا أنّ أصل عالروزانا هي موسيقى حلبية وليست لبنانية. أما بالنسبة لمعناها، فتُشير بعض المصادر إلى أنّها تعود لكلمة فارسية تعني فتحة في الجدار أو السقف، كما تفيد المصادر إلى أنّ هناك شاب وفتاة أحبّا بعضهما البعض منذ زمن بعيد حيث كانا يتسامرا الأحاديث من خلال هذه الفتحة في الجدار المُسمّاة "روزانا" وحين أدركت والدة الفتاة بذلك الأمر أغلقت الروزانا، ومن هنا أتت كلمات أغنية فيروز كالتالي:"عالروزانا عالروزانا كل البلا فيها شو عملت الروزانا الله يجازيها ...". والرواية الثانية لمعنى الروزانا، تعود أحداثها للحرب العالمية الأولى فيُقال أنّ الروزانا هو إسم سفينة ايطالية كان المفروض أن تصل مُحمّلة بالقمح في فترة كانت خلالها تعاني بلاد الشام من مجاعة، وعندما خرج الناس لإستقبال السفينة وجدوها مُحمّلة بالتفاح فأصيب الناس بخيبة أمل وغنّوا عالروزانا الله يجازيها، ويُحكى أنّ التجار الحلبيين اشتروا السفينة من الشواطىء اللبنانية ونقلوا التفاح تحت صناديق العنب نظراً لمنع نقله من لبنان إلى سوريا بقرار عثماني.

وفي الختام، نُشير إلى أنّ كل من "الدلعونا، العتابا، الهوارة، الميجانا والروزانا" لها خصوصية موسيقيّة ومهما إختلفت وتضاربت معانيها، فهي تبقى من تراث الموسيقى الشعبية في بلادنا التي ما زالت تعيش في مجتمعاتنا وتتوارثها الأجيال.