قدّم هذا المسلسل مادة درامية مختلفة في تفاصيل حكاياتها التي تتمحور حول قضايا اجتماعية معاصرة حيث كان قد روّج صنّاع العمل له بعبارة "للحكاية أبعاد أخرى"، وهو فكرة سيف رضا حامد، تأليف زهير رامي الملا، وتولى مهمة إخراجه المخرج المصري محمود كامل.

في الحلقات العشرة الأخيرة لهذا العمل، اشتدت الأحداث وبدأت تترابط خيوطه الدرامية بين مختلف شخصياته على عكس ما شاهدنا من بطء درامي في الحلقات العشرين الأولى منه لينكشف السر ما يجعلنا نبرّر هذا البطء على قاعدة "الهدوء ما قبل العاصفة"، إذ تظهر حقيقة "جلال" (عبد المنعم عمايري) وما يربطه بسائر شخصيات العمل لاسيّما "جبران" (جمال سليمان) و"قيس" (يوسف الخال)، ويتجلّى ذلك مع مشهد المواجهة بين جبران وجلال في الحلقة الثامنة والعشرين، وكأنّ "الظل" المقصود في تسمية العمل ليس فقط الماضي بظلاله على حاضر الانسان ومستقبله، إنما أيضًا بظل الشيطان الذي يرافق شخصية جلال، هذا الشخص الشرير الذي يدفع ثمن عقدته النفسية منذ مرحلة طفولته المعذّبة لتكبر معه، فيشتد شعوره بالانتقام ما يُحوّله لذاك الشرير الذي يُدمّر حياة كل من حوله. ولا شكّ في أنّ عمايري في هذا الدور، برع كعادته، فأتقن لعب شخصية الانسان ذي الوجهيْن الظاهر بالخير والباطن بالشر.

وبالحديث عن شخصيات العمل، لا بد من الإشادة بدور "لجين" الذي قدّمته الممثلة اللبنانية جيسي عبدو حيث يُشكّل نقلة نوعية لها في مسيرتها خاصة أنّ مساحة هذا الدور كبيرة، ولقد تألّقت في المشاهِد التي تطلّبت إنفعالات حادة منها.
أما شخصية "قيس"، فمن خلالها جسّد الممثل يوسف الخال شخصية المحامي الذي لا يبيع مبادئه من أجل حفنة من المال، لكن الظروف تشاء أن ينسب رواية باسمه-كأنها سرقة- دون الاعتراف أنها ليست من تأليفه سوى حينما دق الخطر بابه، ليعود إلى نزاهته!

فضلًا عن ذلك، ما لفتنا في مسلسل "ظل" أنّه يتشابه مع تيمة بعض الأفلام الاميركية التي ترتكز على الغموض لكشف الحقائق في النهاية وأحدثها من هذه النوعية فيلم Deadly Illusions (2021)، وذلك بهدف تقديم ما هو جديد في الدراما العربية أو ما يُسمى بعبارة "التعريب". وتعمّد صنّاعه تقديم صورة واخراج "لايت" مع التركيز على القصة وغموضها والأداء التمثيلي للشخصيات.
وبالحديث عن الصورة والاخراج، نفيد بالذكر أنّ هذا العمل اعتمد على طريقة تصوير صعبة جدًا ترتكز على Steady Cam وهذا ما يتطلب مجهودًا مضاعفًا عن التصوير الاعتيادي، والهدف منه التركيز على ملامح وتعابير وجوه شخصياته وانفعالاتهم بحسب تصاعد مسار الاحداث.

في الختام، نشير إلى أنّ مسلسل "ظل" يُعد من الأعمال المشتركة القليلة في موسم رمضان 2022، وما يُحسَب إيجابًا لصنّاعه أنّهم استطاعوا تقديم مادة درامية مختلفة في ظل الظروف الانتاجية الصعبة التي تشهدها البلاد.