لماذا ميّز مهرجان الموسيقى العربية صابر الرباعي عن باقي النجوم؟!

14:27
18-11-2017

لم تكن مشاركة الفنان التونسي صابر الرباعي في الدورة الـ 26 من مهرجان الموسيقى العربية كسواها، فإدارة المهرجان حرصت على إظهار الرباعي بصورة تليق باسمه وبمشوراه الفني الطويل، فخصصّت له ليلة المهرجان الختامية التي لم يشاركه في الوقوف على مسرحها أحد على عكس غيره من النجوم الذين تشاركوا مع فنانين من مختلف الدول العربية في حفلاتهم، كهاني شاكر الذي شاركته رويدة عطية حفله، وعلي الحجار الذي شاركه سعد رمضان أمسيته، ومروان خوري الذي شاركه همام في الليلة المحددة له وأميمة طالب التي افتتحت حفل عاصي الحلاني. لتختار الدار أمير الغناء العربي في حفلها الختامي وفي ليلة اختلفت فيها كل المقاييس.

أولا، من ناحية الفرقة الموسيقية التي تضمنت أكثر من مئة عازف على عكس كل الليالي الأخرى التي انحصرت الفرق الموسيقية فيها بثلاثين عازفا أو أكثر بقليل.

ثانيا، خصصت إدارة المهرجان قاعة خاصة لتحضيرات حفل الرباعي، إذ اجتمعت الفرقة الموسيقية لثماني مرات من أجل البروفات المكثّفة.

ثالثا، وُضِعَت خطة أمنية مختلفة يوم حفل الرباعي، إذ مُنِع التجوُّل في الكواليس بأريحيّة، حرصا على تأمين الأجواء المناسبة قبل الحفل.

قد يتساءل بعض المهتمين بالشؤون الفنية حول أسباب تمييز الرباعي عن باقي النجوم، رغم معرفتهم بحجم قيمته الفنية التي يجتمع عليها الوطن العربي بأكمله، لتأتي الإجابة شافية وكافية عند حضور الحفل المذكور.

صعد الرباعي قرابة التاسعة على مسرح دار الأوبرا الذي تجمعه فيه ذكريات عديدة، منها البعيدة كالحفل الذي تسلّم فيه المايكروفون الذهبي في بداياته الفنية عام 1997، وأخرى قريبة كحفله في العام 2015 الذي حقق فيه نجاحا منقطع النظير وما بينهما من حفلات وذكريات ومحطات رائعة.

بدأ الرباعي حفله بأغنيته اللبنانية "ببساطة" التي يحرص أن يفتتح بها معظم حفلاته نظرا لجماليتها ولبساطتها وللفئة الفنية التي تنتمي إليها والتي تعتبر مستحبة في بداية الحفلات أكثر من الأغنيات الكلاسيكية.

قدّم صابر في حفله أجمل أغنيات مكتبته الفنية الخاصة مثل "يا عسل"، "أتحدى العالم"، "عزّة نفسي"، "شارع الغرام"، "على نار"، "دلولة"، "مزيانة"، "عز الحبايب"، "ضاقت بيك"، "الله يحميك"، "يلي بجمالك"، "غلطلان" و "سيدي منصور" ومع كل أغنية أخذ الحضور إلى حالة عاطفية مختلفة وخاصة.

حرص صابر على تقديم بعض الأغنيات الجديدة لأول مرة على مسرح دار الأوبرا المصرية، فأتت "جرحي ما شفي" أكثر جمالا مع التوزيع الاوركسترالي وغنّاها صابر باحساس عال جدا. "أنا بحنّ"، "متخافش مني"،  "بتتخلق" أغنيات قدّمها الرباعي على المسرح للمرّة الأولى بعد سلسلة من التمرينات مع الفرقة الموسيقية التي قادها المايسترو المعروف هاني فرحات فشكّل مع الرباعي ثنائيا خاصا على المسرح العريق.

أبى صابر أن يمرّ حفله المصري دون هديّة قيّمة إلى الشعب الذي يحبّ، فاختار لهم أغنية وطنية بعنوان "سلام يا دفعة" وقدّمها للمرة الأولى بعد أن سجّلها خلال الأسابيع الأخيرة في احد الاستديوهات المعروفة. هذا وحملت هذه الأغنية وجعا كبيرا يعكس واقعا عربيا محزنا، لكن الرباعي تميّز في اختياره الوطني إذ قدّم أغنية حيّة بعيدة عن نمطيّة الأغاني الوطنية المعروفة بجمودها، فأتت الأغنية عملا فنيا مختلفا بجماليته ورقّته ورسالته السامية.

جرأة عالية اتّسم بها حفل الرباعي، جرأة قلّة هم النجوم الذين يشاركونه بها، إذ قدّم أربع أغنيات جديدة في حفل واحد وهو أمر لا يجرأ عليه سوى الواثقين من اختياراتهم الغنائية والعارفين حجمهم الحقيقي في قلوب الناس. حتى في إطلالته، لفت صابر الأنظار في هذا الحفل، فاختار بدلة أنيقة جريئة نسبيا في تفاصيلها التي لا تشبه كلاسيكية مسرح الاوبرا دون أن تتعدّى الحدود التي تفرضها خصوصية المكان وهيبته. كما استغنى عن "البابيون" لكسر بعض الجمود وهو أمر قلّما نشهده على مسارح رسميّة كالاوبرا، أما شعره فاختار له تسريحة مختلفة يطل بها للمرة الأولى لتأتي الإطلالة مكمّلة لقيمة المضمون الفني الذي قدّمه الرباعي في حفله.

النجاح ليس جديدا على صابر الرباعي ولا على شريكه المنتج علي المولى الذي حرص على تأمين كافة التفاصيل لتحقيق الإبهار الفعلي في هذه الأمسية المميزة، فعلى المسرح نفسه انطلق في سماء مصر ومُنِح المايكروفون الذهبي ليصبح مسرح دار الاوبرا المصرية محطّة تاريخية بالنسبة إليه، فتجده يحرص على زيارته بين الحين والآخر وفي كل مرّة يحمل معه هدايا ثمينة من انتاجات جديدة وخاصة أو لفتات تكريمية وما شابه. أما الدار فتبادله الحب والوفاء ويتحرص على تدليله في كل زيارة جديدة.

الآن، أظنكم تيقّنتم لماذا ميّز مهرجان الموسيقى العربية صابر الرباعي عن غيره.